السبت، 3 يناير 2009

المقالة الأولى - نشرت في أوان 23-2-2008

المعركة الأولى


منذ ان أدركت أنني على مشارف امرأة، اكتشفت انني و عقلية الرجل الكويتي التقليدية لا نتـفق. خضت صراعات عديدة في البيت و خارجه، أولها و أهمها كانت مع الرجال القريبين جدا مني و التي تربطني معهم علاقة بيت. على الرغم من انني لم أكن مسلوبة تماما من حرية الكينونة و التعبير. إلا انني شعرت بشيء من اختناق التفرقة " الجندرية " التي لازالت الى يومنا هذا تطبّق بين الابن و الابنة. منذ ذلك الوقت ووالدتي تحاول ان تقنعني ان الوضع السائد في مملكتها هو الصواب، و انني لن أضل عن" درب السنع و العدالة إللي ما يضيع منهو مشاله " طالما ابتلعت غصة انني امرأة و اقتنعت ان مكاني الأمثل هو المنزل. في ذلك الوقت كانت حروبي مع نفسي و مع الجبهات المعادية من حولي معركتين منفصلتين، كنت أوّد الاقتناع و الركود و لكنني في نفس الوقت لا انفك عن الدفاع عن حقوقي في ان يكون لي القرار بأبسط أمور حياتي، و الحرية المطلقة في الحل و الترحال مثلما يفعل الذكور. كنت أحارب يوميا معركة جديدة تنصب سيولها أولا و أخيرا في محيط الذات الضائعة بين الأعراف و التقاليد و "شبيقولون الناس"! و مواصفات" البنت السنعة"!
الى ان جاء يوم رأيت فيه قوس قزح يلوّن السماء فأدركت ان عقلية أفراد منزلي صانعي القرارات و واضعي النظم لن تتغير، لإنهم ببساطة شبّوا و شابوا على ذاتها الشعارات التي وضعت لتأخذ من المرأة و تعطي للرجل. أدركت ان الحل لم يكن يوما في النقاش، و لا في الصراخ و لا المعارك ذات الأسلحة الفتاكة. كان الحل تماما أمامي عندما رأيت في المرآة انعكاسا لصورتي.
مثلما تعددت الألوان في قوس قزح لا بد من ان يكون هناك تعدد و تنوع في عقليات الرجال من حولي. مثلما وجد أشخاصا يؤمنون بأن هناك فروقا فارقة بين البنت و الولد، و حريات مكتسبة و أخرى مسروقة لابد في ان يكون هناك أشخاصا في هذا الكون يؤمنون بعمق اننا – مهما كنّا - أفراد مستقلّون لا يفرقنا أي فارق. خرجت من خنادقي المنزلية و بحثت طويلا عن رجل آخر يؤمن بما أؤمن لأشاركه حياتي الزوجية. لم يهمني كيف يكون ، و من اين يأتي! فقط رغبت ان يكون قد شب و شاب على ما انا حييت لأجله.
عندما وجدته، أحضرته الى منزل أسرتي و مد والدي له يدا مصافحة على الرغم من اختلافه عن كل ما كانوا يتوقعون، رحبوا به ابنا جديدا في الأسرة .. و أنا .. ربحت أهم معركة!

ليست هناك تعليقات: